مهزلة إسمها البرلمان المغربي‎

نوابنا الأبطال ، وأصحاب الفخامة الذين ما عهدنا عليهم  سوى النوم والكسل في البرلمان ، لم يكفهم أنهم قدموا للمغاربة مهزلات على طبق من ذهب ، ولم يكفهم أنهم نزلوا بالمؤسسة التشريعية إلى أسفل سافلين ، بل استمروا في ذلك حتى أصبحت أسرار هذه المؤسسة تصل إلى عامة الشعب  عبر شبكات التواصل الإجتماعي غير مدركين أن ما يقومونه مخالف تماما لمناصبهم الحساسة ويسيء بشكل كبير للمؤسسة البرلمانية التي من الأجدر أن يتم إحترامها .

إن المتتبع لما يجري في البرلمان سيدرك حجم الكارثة التي تهدد هذه المؤسسة ، ويدرك مدى الانحطاط الذي وصل إليه نوامنا الأبطال الذين يحملون أمانة الدفاع عن حقوق المغاربة جميعا ، حيث نجد أن هؤلاء يجمعون بين كل المهزلات التي يشاهدها المغاربة على المباشر ، دون أن يجد هؤلاء أدنى غيرة على تلك القبة التي من الواجب احترامها وتوقيرها ، فنوابنا الأجلاء قدموا صورة سوداوية على البرلمان عبر تصريحاتهم الصبيانية التي يدلون بها من حين لآخر ، والتي لا تراعي خصوصية هذه المؤسسة التي لها الفضل في تنظيم حياة المغاربة عبر سن التشريعات والقوانين المعمول بها في البلاد .

كان أمل المغاربة جميعا بعد الحراك الشعبي الذي تمخضت عنه إصلاحات دستورية يمكن اعتبارها بالمهمة، أن يكون لديهم برلمان جديد يتجاوز ذلك البرلمان الذي كان عنوانا للكسل والخمول ومرتعا  للنوام الذين لا يجدون حلاوة نومهم إلا في تلك القبة ، لكن بالرغم من ذلك فالرياح أتت بما لا تشتهيه سفن المغاربة جميعا ، لأن ذلك الربيع الذي انتظروه على أحر من الجمر والذي كانوا يعتقدون أنه الحل الأمثل لبناء مغرب ديمقراطي ، ربما تحول إلى خريف مغربي لم يحصد المغاربة من ورائه سوى الويلات.

كثير هي المهزلات والخروقات في برلماننا المغربي ،التي تّأتي تباعا ،واحدة تلوى الأخرى ،فلا تمر جلسة البرلمان بدون صورة معبرة عن واقع البرلمان المأساوي من الداخل والذي يوضح بجلاء حجم الكارثة التي أحلت بمؤسستنا التشريعية ، فبعد المشاهد الصبيانية والمخجلة  لنواب الأمة ، وبعد الكلام الفاحش الذي صدر من السيد الوفا أمام عدسات الكاميرا منذ أيام، عادت النائبة المحترمة خديجة الزومي لتخلق الحدث عبر مداخلتها التاريخية التي أكدت فيها أن الدعارة مهمة للغاية، وأنها تساهم في الاقتصاد الوطني لتكون بذلك قد استكملت مسلسل المهزلات الكبرى التي أبت إلا أن تكون من نصيب البرلمان المغربي على الدوام .

أعضاء البرلمان المغربي ، ونواب الأمة الشرفاء والذين يحسبهم المغاربة  رسلا للدفاع عن حقوقهم ، قد ظهروا على حقيقتهم وتبين أنهم أشبه بالخلايا السرطانية التي تسعى إلى تدمير جسم المؤسسة التشريعية ، فتصرفات هؤلاء داخل المؤسسة التشريعية، لا تدل على أن لهؤلاء غيرة على الوطن ولا على المغاربة الذين مكنوهم من الجلوس في ذلك المكان الذي لم يحترموه، وجعلوه عرضة للكلام الساقط وللتصرفات التي لا تليق أن تصدر من هؤلاء الذين يجعلهم المغاربة قدوة لهم في كل شيء.

أمام هذه المهزلات كلها وأمام هذا التردي المخيف لعمل ممثلي الأمة يجوز لنا القول أننا لسنا أمام برلمان كما يحلو للبعض تسميته ، ولسنا أمام مؤسسة تشريعية بالمعنى الحقيقي ،ولكننا أمام مكان يتم التجمع فيه والتجمهر كل أسبوع لأخذ قسط من الراحة لساعات، ثم الضحك على الذقون  ثم الانصراف وهكذا دواليك ،لتمر الأيام والسنون ومصالح المواطن معطلة وحقوقه منتهكة، لا لشيء سوى أن هؤلاء النواب لا يقدرون ذلك المكان وذلك الشعب الذي اختارهم ،ولا يعيرون اهتماما ولا يتحملون تلك المسؤولية التي هي على عاتقهم ،فبدل مناقشة تلك المشاكل والقضايا التي يعاني منها المواطن المغربي يستغلون الفرصة للسب والشتم ، وتبادل الاتهامات دون مراعاة حرمة ذلك المكان الذي هم فيه يجلسون.

لا كلام للسيد رئيس الحكومة حول ما يدور في قبة البرلمان ، ولا حديث له عما يصدر من ممثلي الأمة الذين طالما أساءوا للمؤسسة التشريعية ، لأن السيد بنكيران بكل بساطة  غير معني بذلك مادام أن هؤلاء قد قبلوا أن يكونوا جزءا من مسرحيته التي طالما يقدمها على أنظار المغاربة جميعا ، فرئيس الحكومة لم يسمع بهذا الحديث أبدا ولا يريد أن يسمع بمثل هذا الكلام الذي يمكن أن يفسد عليه ذلك العرس الذي يبدو أن رئيسنا المبجل يستمتع بع الآن على حساب أوجاع المغاربة، الذين أرهق كاهلهم بجملة من الزيادات ، معلنا حربا ضروسا على الفقراء من أبناء هذا الوطن ، وتجاهل المسكين هؤلاء النوام وعشاق التعويضات الخيالية الذين يأكلون أموال المغاربة ظلما وعدوانا ، دون أن يعملوا ولو للحظة لخدمة هؤلاء ، اللهم إن هذا منكر.